وافق مجلس جامعة عين شمس بالقاهرة على ترشيح بحث يحاول فهم وبيان أوجه الإعجاز في قوله تعالى: (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا) -الآية 11 من سورة الكهف- قام به الدكتور هشام محمد مهابة -دكتوراه الصحة العامة وأستاذ مشارك بكلية الطب جامعة عين شمس-، وقام بمراجعة البحث أ. د. محمود هاني أيوب -أستاذ ورئيس قسم الفسيولوجي بطب عين شمس-، وفضيلة أ. د. الحسيني أبو فرحة -أستاذ التفسير بجامعة الأزهر الشريف- لنيل جائزة الملك فيصل العالمية في البحوث المتميّزة؛ حيث قام الباحث بجمع المعاني التي ذكرتها كتب التفسير لشرح هذه الآية، حيث قام العديد من المفسرين بتفسير تلك الآية بـ (أن أغميناهم)، وفسّرت في أحيان أخرى بأن الله –سبحانه وتعالى- قد حجب وظيفة السمع ليناموا، ويرى الباحث أن الله –جلّت قدرته- قد أوقف وظيفة السمع فسيولوجيًا ضمن وقف جميع الوظائف الفسيولوجية لأجسامهم بصفة وقتية، فلم تبصر العين بالرغم من كونها مفتوحة (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ)، ولم تتحرك العضلات بالرغم من أنهم أحياء (وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ)، ولم تتغير هيئتهم على الرغم من مرور سنين عددًا عليهم بالكهف (قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ)، وحالتهم هذه تقارب حفظ أعضاء الإنسان بطريقة وقف العمليات الحيوية Metabolic inhibition والتي تتمّ غالبًا بالتبريد، وهي تستخدم الآن بشكل واسع في العالم.
يذكر الباحث في البداية أن القرآن الكريم الذي لا تنقضي عجائبه ذكر قصة أهل الكهف ردًا على بعض المشركين الذين سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها اختبارًا له لتأكيد نبوته، وقد قص -سبحانه وتعالى- قصتهم، ثم اختتمها بقوله تعالى: (فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلا مِرَاء ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا) –سورة الكهف آية 22-، وذلك لأن ما جاء به الله –تعالى- هو الحق، وأنه يغطي كل جوانب قصتهم، وأن ما يحاوله الباحث هو فهم حال أهل الكهف بعد لجوئهم إليه، وحتى بعثهم الله من رقودهم، وذلك من خلال تدبّر قوله تعالى: (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا).
وتشير المراجع العلمية إلى أن التعرُّض للبرودة الشديدة يؤدّي إلى انخفاض كبير في درجة حرارة الإنسان، والشخص الذي انخفضت حرارته انخفاضًا كبيرًا يصبح شبيهًا بالميت، إلا أنه يكون محميًا إلى حد ما من نقص الأوكسجين وانخفاض ضغط الدم وفشل الدورة الدموية، وفي حالات عديدة.. فإن الشفاء التامّ قد يحدث؛ خاصة للشباب من هذه الحالات، ولهذا لا يجب اعتبار أي إنسان تعرّض للبرودة الشديدة وانخفضت درجة حرارته انخفاضًا شديدًا ميتًا، وذلك حتى يتمّ دفنه تمامًا، وإجراء الإسعافات اللازمة له، وقد أصبح اليوم لحفظ الأعضاء ضرورة كبيرة.
ويذكر الباحث أن قصة أهل الكهف هي دليل على البعث، وهي أيضًا دليل على قدرته -جل شأنه- على حماية أوليائه من أي مكروه، وقد بدأت بقوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا)، وقد أجمعت كتب التفسير على أن معنى هذه الآية: "لا تحسب يا محمد أن قصة أهل الكهف هي أعجب آيات الله تعالى في خلقه، فهناك آيات من جنسها هي أعجب منها؛ فقد ذكر تعالى في سورة البقرة قصة مماثلة هي قصة عزيز –عليه السلام- الذي أماته الله –سبحانه وتعالى- مائة عام ثم بعثه، ومن الواضح أن بعث الله للعزيز كان من الموت، فالآيات صريحة".
ولو أن أهل الكهف كانوا نيامًا فقط لاحتاجوا إلى الماء والغذاء، ولأيقظتهم الحاجة إلى التبوّل بعد بضع ساعات؛ لكن الله –سبحانه وتعالى- قد أوقف جميع الوظائف الحيوية وأبقى الأجسام في صورة حياة، كما يتمّ حفظ الأعضاء اليوم؛ مثل ضغط الدم والقرنية والكلى والكبد والقلب وغيرها لحين زراعتها في أشخاص آخرين، وكذلك ما نراه اليوم من إمكانية حفظ الأجنة وإلى عودة الحياة لأشخاص دفنوا تحت الجليد لعدة أيام ثم عادت إليهم الحياة بعد تدفئتهم، خاصة لصغار السن، فيمكن بالتبريد وقف جميع عمليات الهدم التي تتسبّب في دمار الأنسجة.