قصة أعجبتني فنقلتها لكم من موقع يهتم بهذه القصص الشعبية
الولد الحقاني
كان أخوان يعيشان في بلدة بعيدة وكان لأحدهما سبعة أولاد لا أخت لهم وللثاني سبعة بنات لا أخ لهن فأكلت الغيرة قلب أم البنات وبدأت في تدبير طريقة تتخلص بها من الأبناء السبعة بقتلهم جميعاً فذهبت الى أمهم وطلبت منها أن تعيرها أكبر الأولاد ليساعد البنات في رعي الأغنام لأن البنات وحدهن لا يقدرن على القيام بالرعي ومتابعة الأغنام وحفظها من الحيوانات المفترسة .
قبلت أم الأولاد طلبها وأعطتها أكبر أولادها فذهب معها لدارها وفي اليوم التالي أيقظته من النوم مبكراً وسلمته قطيعاً كبيراً من الغنم وأرشدته ليقوم بحراستها والعناية بها في المرعي ، ثم أعطته (قراصة) كبيرة ملفوفة في منديل وقالت له (كل أنت وكلبك من هذه القراصة في الفطور والغداء وفي المساء عدها لي سالمة غير ناقصة ولو نقصت سأنزل عليك عقاباً صارماً) .
ذهب الولد واحتفظ بالقراصة خوفاً من العقاب وفي المساء عاد مع الأغنام وسلم القراصة سالمة للسيدة وقضى ذلك اليوم من غير طعام وفي الصباح التالي أصدرت له نفس التعليمات وفي أيام ثلاث ضعف الولد ثم مات .
ذهب أم البنات الى أم الأولاد وقالت كنت أعتني بابنك غاية جهدي ولكنه بالرغم من ذلك هرب وتركني فأرجو أن تعيريني ابنك الثاني ، فقبلت أم الأولاد ولما ذهب الولد الثاني عاملته بنفس معاملتها لأخيه ، فمات في اليوم الثالث وهكذا استمرت تطلب الأولاد واحداً تلو الآخر حتى مات السادس وبقى أصغر الأولاد وكان أشدهم مكراً .
قبلت أم الأولاد بعد إلحاح وإصرار إعارتها آخر أولادها ، وكان يدعى (حقن تود) فلما ذهب لدارها وأصدرت إليه التعليمات قبل وخرج الى المرعى يحمل صحناً صغيراً أخذه منه بحجة سقي الغنم إذا اشتدت الأمواج ورفضت الأغنام الاقتراب من النيل ولما جاء وقت الإفطار أخذ لب القراصة حتى صارت جوفاء ووضع اللب في الصحن وحلب عليه كل اللبن الموجود في الأغنام وأكل فطوره وكذلك الغداء حتى شبع تماماً ثم ملأ الفراغ في القراصة بكمية من بعر الغنم وسد أطرافها بصورة لا تظهر ما قام به من خديعة وجاء بساق قمح ناشفة وأدخل رأس الساق في فتحة حلمة ثدي واحدة من الغنم ونفخ فيها حتى امتلأ بالهواء ثم ربط الحلمة حتى لا يتسرب الهواء وفعل بالمثل بالحلمة الثانية وكرر ذلك على جميع الأغنام ، ولما عاد في المساء سلم القراصة وكأن شيئاً لم يكن ، فحفظتها المرأة وذهبت تحلب أغنامها ، فلما حلت الرباط انبعث من الثدي هواء دافئ ولما جاءت تحتج على فراغ الضروع في كل الأغنام من اللبن استشهد الولد برجل كان يصلى صلاة المغرب حين رجع من المرعى فشهد الرجل بأن الضروع كانت مليئة باللبن ساعة الغروب .
استمر هذا الولد بهذه الحالة حتى تعبت المرأة من أمره ففكرت في تغيير مهنته حتى تجد الفرصة لقتله فطلب منه التوجه الى مزرعة زوجها لطرد الطيور التي بدأت تفتك بالزرع وليطمئن الولد أرسلت معه بناتها السبعة ، ثم أمرت البنات لتجلس على (الهيلو) (عبارة عن عنقريب على رأس أربعة أعمدة) وأمرت الولد ليجلس على (الهيلو) الثانية من الجهة الأخرى مع التشديد عليه بطرد الطيور وفي العصر أقبلت السيدة تحمل كمية من التمر وأعطت قليلاً منه لكل بنت وأعطت الولد أيضاً ، توقع الولد أن يكون في ذلك شيء قد يضره فأسرع الى البنات وأغراهن واستبدل بلحاته ببلحاتهن ولما أكلن متن جميعهن في الحال ، فقد كان التمر المخصص له مسموماً .
وفي المغرب أسرع الولد للسيدة وأخطرها بأن البنات جميعهن قد توفين بصورة فجائية فوق الهيلو ، عرفت السيدة السبب فاغتاظت وصرخت ثم أمرته بالذهاب الى الجزيرة وإخطار أهلها هناك بوفاة البنات .
أسرع الولد ووقف مقابل الجزيرة ونادى لأهلها بالجزيرة بأن السيدة تطلبهم الليلة لأن زواج بناتها السبعة سيتم في هذه الليلة فتجمع أهلها بالجزيرة نساء ورجال ولبسوا أفخر الثياب ولبس النساء كل ما عندهن من الحلي والذهب وجاءوا جميعاً بموكب ولما خرجوا في البر سألهم الولد الذي كان في انتظارهم عن سبب لبسهم بهذه الصورة الزاهية فقالوا من عاداتنا أن نلبس هكذا عندما نتوجه الى بيوت الأعراس فقال ومن قال لكم أن هناك عرساً لقد دعوناكم لحضور مأتم البنات السبع اللائى حدثت وفاتهن اليوم بصورة مفاجئة .
انزعجت النساء وارتبكن وهن يبحثن عن مكان يحفظن فيه الحلي والذهب إذ وجب عليهن خلعها ما دمن متوجهات لمأتم ، وجاء الولد بمعطف وعرض عليهن استلام ذهبهن وحفظه لهن أمانة عنده حتى يعدن من المأتم فخلعنه جميعاً وسلمنه كل الذهب والحلي وذهبن للعزاء ولما رجعن وسألن عن ذهبهن قال كنت قد دفنته في زريبة بقر عمي فالتهمتها إحدى الأبقار فتقرر ذبح الأبقار واحدة تلو الأخرى لإخراج الذهب والحلي حتى قضوا على جميع بقر عمه (زوج السيدة أم البنات) ولم يجدوا الذهب .
عرف عمه أنه تسبب في ذبح كل البقر عن قصد فأوثق رباطه بالحبال وضربه ضرباً مبرحاً حتى أسهلت بطنه ولما فك وثاقه جمع الولد إسهاله في قفة وسار حتى وصل منزل زوجة السلطان فترك القفة على مرأى من ضأن زوجة السلطان وترك قطعة ذهبية واحدة داخل القفة وذهب يزور زوجة السلطان
بعد انتهاء الزيارة جاء ليأخذ القفة وأطلق صراخاً وادعى أن ضأن زوجة السلطان أكل كل ذهبه ولم يترك سوى قطعة واحدة وبالفعل وجدوا آثار البراز على فم الضأن فطلبت منه زوجة السلطان السكوت على أن تعوضه ذهبه فقبل واستلم من الذهب سعة القفة فذهب لمنزل عمه وقال لقد بعت كل البراز الذي تسبب أنت في إخراجه بضربك لي وجئت بكل هذا الذهب فطلب عمه وزوجة عمه منه أن يوثق عمه بالحبال ويضربه حتى يسهل فاستجاب لطلبهما وضربه حتى أسهل .
أخذ عمه البراز في قفة وسار حتى منزل زوجة السلطان وترك القفة وذهب في زيارة زوجة السلطان ولما خرج منها صرخ وقال لقد أكل ضأنك كل البراز ولما عرفت قصته طردته شر طرده .
رجع الرجل الى زوجته وفكرا في طريقة جديدة للخلاص من هذا الولد فقررا إلقاءه في النيل ليموت غرقاً فجاء الرجل بمقطف كبير ووضع فيه جانباً من التمر وطلب من الولد الدخول في المقطف فقبل ودخل وهو يعرف ما يضمره له عمه الذي أخذ المقطف وسار لشاطئ النيل وتركه هناك ورجع للمنزل ليحضر المسلة والخيط وفي أثناء غيابه جاء أعرابي يقود عدد من الإبل ووقف بجوار المقطف ولما تعرف بالولد طلب منه بعضا من التمر فإذن له الولد ليدخل ويقعد داخل المقطف ويأكل كفايته من التمر على أن يخرج هو ويقوم بحراسة الإبل وفي أثناء ذلك جاء عمه وخاط المقطف وأخذ الأعرابي بداخله وألقاه في النيل فجرفه التيار ومات الأعرابي وسلم الولد من الموت المحقق .
وبعد أيام رجع الولد لمنزل عمه يقود عدداً من الإبل فاحتار عمه في الأمر وقال ألم ألق بك في النيل فكيف جئت ومعك هذا الإبل ؟ فقال الولد شكراً يا عمي لقد وجدت خيراً كثيرا في قاع النيل واكتفيت بهذه الإبل ولو شئت لجمعت ثراء طائلاً فطلب العم وزوجته منه أن يلقى هو بعمه في النيل فجهز الولد المقطف ووضع فيه عمه وأخذه الى الشاطئ وقبل أن يلقيه في الماء قال لعمه يوجد شوك كثير في قاع الماء فالأفضل أن تأخذ معك نعالك فطلب عمه منه إحضار النعال من البيت .
ترك الولد الرجل عند الشاطئ وأسرع لزوجته في البيت وقال لقد أمرني عمي أن أتزوجك أنت وزوجته الثانية لحين عودته فاستنكرت السيدة وقالت لا يمكن أن يقول عمك ذلك فتحداها وطلب منها الاقتراب من زوجها ولما خرجت وصارت على مسافة من الرجل نادى بصوت مرتفع (يا عمي واحدة أم الاثنتين) ؟ فرد الرجل (الاثنتين يا ولد) فاقتنعت الزوجة بصدق كلام الولد وقبلت الزواج فأسرع الولد وألقى عمه في الماء فمات الرجل في الحال .
بعد أيام استفسرت زوجة عمه عن مصير زوجها الأول فأخذهما هي والثانية الى الشاطئ وأخذ معه في يده (حصى) و (بعر) ووقف عند الشاطئ وقال سألقي بهذين الى الماء فإذا طفحت الحصى وغطس البعر فذلك يدل على أن عمي سيعود قريباً ، أما إذا طفح البعر وغطس الحصى فإن عمي لن يعود ثم ألقى بالحصى والبعر فطفح البعر وغطس الحصى فعرفوا أن الرجل لن يعود فرجعوا مكسوفين بهزائمهم المتكررة أمام هذا الولد الذي استطاع أن ينتقم من زوجة عمه على قتلها لإخوانه الستة .
ارجو ان تكونوا استمتعتوا بالنقل
تحياتي
اليمامه