الحكيم والذئب
يحكى انه في قديم الزمان كان يعيش في بولندا رجل حكيم يفهم لغة الحيوانات
وعلى مر الأعوام عرفت حيوانات الغابة رقة قلب الرجل وحكمته وسرعة إغاثته للمحتاج
فأطمئنت إليه وكانت تسأله النصح في كل الأمور
وفي ذات صباح قصد الذئب الحكيم وقال له: السلام عليكم ايها الرجل الحكيم
جئت إليك اسألك النصح في أمر يشغلني
لقد تذوقت في حياتي أنواعا كثيرا من اللحم ولكني لم أذق حتى الآن لحما آدما رغم ان صديقي الثعلب يؤكد انه اشهى اللحوم فماذا أفعل ؟!
خشى الحكيم على ابناء قريته من هجوم مفاجئ للذئب يذهب ضحيته طفل صغير أو شيخ لا حولا ولا قوة واراد ان يتصرف عن الامر فقال له
ان الثعلب مخطئ فاللحم الآدمي ذو مرارة وخشونة والافضل لك الا تفكر ان تقربه
هز الذئب رأسه وقال:
انا واثق انك مخطئ ايها الحكيم فالثعلب يؤكد ان اللحم البشري لذيذ
قال الحكيم:
لا تكن أبله.. ان الثعلب يريد ان يشغلك عن اصطياد الحملان والغزلان والدواجن ليهنأ وحده
قال الذئب:
قولك يبدو معقولا ومع ذلك فأرجو ان تسمح لي ان اذوق لحم الإنسان ولو مرة
فكر الحكيم قليلا ثم قال للذئب:
لا بأس.. يمكنك ان تلتهم واحدا من البشر بشرط الا يكون صبيا صغيرا أو شيخا ابيض رأسه ولحيته مثلي.. الإنسان الوحيد الذي اسمح لك ان تأكله يجب ان يكون شابا
تعهد الذئب للحكيم ان ينفذ وصيته
ومضى في طريقه وعلى مشارف القرية الصغيرة وقف يشتم الهواء ويترقب ظهور إنسان..
ومن بعيد لاح له شبح فصاح ... من أنت!!!!!!
ولم يكن الشبح الذي رآه الذئب سوى صبي صغير
فقال له: الا تراني صبيا صغيرا أحمل كتبي في طريقي إلى مدرستي
فرد الذئب:
أسرع إذن وإلا تأخرت فقد حذرني الحكيم ان لا امسك بسوء
وعاد الذئب يراقب الطريق من جديد.. وقد انهكه الجوع..
وفجأة لاح له إنسان من بعيد فصاح من هناك؟!؟!
فأجابه الإنسان قائلا:
انا عجوز في طريقي.
فرد عليه الذئب قائلا:
يرعاك الله.. لقد أوصاني الحكيم الا امسك بسوء
وعاد الذئب من جديد يراقب الطريق.. ومن بعيد تبين إنسانا قادما فأخذ يشحذ اسنانه في لهفة ثم صاح من هناك؟!؟!؟
فأجابه صوت قوي:
انا حداد القرية.. ماذا تريد ؟!
فعاد الذئب يسأل من جديد.. وهل أنت شاب؟!
فأجابه الحداد:
وماذا تراني ؟؟؟؟ نعم أنا شاب في كامل قوتي وعقلي
فكشر الذئب عن انيابه وهو يقول:
أريد ان آكلك فلقد منعني الحكيم ان اتذوق لحم الصغار والشيوخ
فكر الشاب لحظة وقال في نفسه.. ان القوة وحدها لن تفيدني ويجب ان استعين بالحيلة لأعلم الذئب درسا لا ينساه...
وبعض لحظة ابتسم الشاب وقال للذئب:
لا مانع عندي.. ولكن يجب أولا اغتسل في هذه البركة وراء الاشجار لأزيل عن ذراعي ووجهي وشعري .. رماد النار سيفسد مذاق لحمي..
قال الذئب:
لا مانع ولكن أسرع فأنني جوعان..
اندفع الحداد بين الاشجار واقتلع فرعا غليظا من الاشجار خبأه تحته ثم أسرع ليغسل في ماء البحيرة.. وعندما عاد للذئب قال له:
هلا أذنت لي ان اجفف وجهي ويدي في فروة ذيلك قبل ان تلتهمني..
فأذن له الذئب..
وفي لمح البصر أسرع الحداد إلى ذيل الذئب وربطه في شجرة ثم أخرج الفرع الذي خبأه في ملابسه وانهال به على الذئب ضربا..
بعد ساعات أفاق الذئب واستطاع ان يخلص نفسه ومضى نحو الغابة وهو يعوي مثلما..
وبمجرد ان سمع الحكيم صوته خرج إليه فوجده يعلق جروحه وهو يبكي...
فسأله عما حدث... قال الذئب:
ايها الحكيم إن لحم الإنسان
مر.. له مذاق الحنضل.. ارجوك ان لا تذكره أمامي...
مسح الحكيم على رأس الذئب وهو يبتسم لنفسه نجاح حيلته التي انقذت أهل قريته..
ثم قال له:
أطمئن يا صديقي فلن أذكره ثانية
ارجو ان استمتعتم