[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
من هو حبيب النجار هل تعرفون هذا الرجل
هل تعلمون كيف عاش
و كيف مات
و على ماذا لقي ربه
امض معي أخي الكريم
قال تعالى:
(وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ * قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ * قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ * وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ * قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ).
ثمَّ ذكر الله قصَّة الرجل المؤمن:
(وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ * وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ * إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ).
ذكر المفسّرون أنَّ حبيب النجار هو اسم هذا الرجل الَّذي ذكرت قصّته في صدر سورة يس.
وانظر إلى هذا الرجل المؤمن كيف صدع بالحقِّ وناصر أهل التوحيد وليسمّه من شاء متهورًا، وجاء من أقصى المدينة يسعى وليسمّه من شاء متعجّلاً، ودعا إلى الحقِّ صراحةً دون جمجمةٍ وتمييعٍ، وليقل القائلون إنَّه لا يُحسن الحكمة في الدعوة والتدرّج، وأعلن تبنّيه الصريح لهذه الدعوة المباركة ولم يتنصّل منهم ويقُل إنَّما أطرح وجهة نظر، أو إنَّما أنا مفسِّر ولست بمبرِّر، لم يتقدّم بمشروع بيان تعايش يقول للمشركين لي دينكم ولكم ديني..
انظر إلى هذا الموحِّد الصادق كيف قهر أهل الشرك وفي كلِّ أمَّة ولا شكّ علماؤها ومفكِّروها فظهر عليهم بالحجج، والعامِّي من الموحّدين يغلب ألفًا من علماء المشركين كما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهذا هو حال أهل التوحيد في كل زمانٍ ومكانٍ، في ميدان السنان يغلِبون تارةً ويُغلَبون أمَّا في ميدان الحجّة والبيان فهم على كلِّ حالٍ ظاهرون، وهكذا كان شهداء الرس وإخوانهم من المجاهدين..
لم يتوانَ في الصدع بكفرهم بل وصفه بأنَّه ضلالٌ مبين، ولا في بيان بطلان آلهتهم بل أكّد أنَّهم لا يغنونَ عنه ولا ينقذونَ، ونادى فيهم إنِّي آمنتُ بربِّكم فاسمعون..
إنَّ الموحِّد الَّذي يعلم أنَّ الدنيا قصيرةٌ فانيةٌ بما فيها من البلاء، إنَّ هذا الموحِّد وحده هو من يستطيع تذوُّق البلاغة العجيبة في طيِّ القصَّة دون ذكر مقتله في هذا الموضع مباشرةً لتنتقل إلى الجزاء:
(إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ * قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ)، فكان بين قوله: إنِّي آمنت، وما قيلَ له: ادخل الجنّة، مرحلةٌ قصيرةٌ جدًّا وكبيرةٌ جدًّا!!
لقد قالَ آمنتُ حيًّا، فقيل له: ادخل الجنة بعد موته، فبين الكلمتين أكبر ما يخافه الناس: الموت..
إنَّ هذه البلاغة العظيمة لأعظم ما يعبِّر عمَّا يدور في نفس المجاهد حين تلتقي الصفوف، إنَّه يتجاوز ما يراه من الموت لينظر إلى ما وراء ذلك من الجنة، ويطوي الموت والكرب الذي يلقاه كما طوي في القصة مقتل حبيبٍ النجَّار..